في تلك الاثناء , راح المطر يتساقط بغزارة , وشعر كريم بأن الحزن الداكن الذي يلف السماء يشبة العاصفة التي كانت تغزو قلبة . أما الزمهرير الذي أخذ في دربة الشوارع و الأشجار و المارة , فقد بدأ أضعف من ان يخفف هواجسة ويجذب انضارة و ينقلة من حالتة الخاصة . لا شيء في تلك اللحظة كان في امكانه انا يوقف هذا الشريط المتداعي من صور خيباتة و اوجاعة , الى أن تجرأت مريم قطع سيل استرسالة الكئيب , واعدة اياه بأنها ستبذل كل مافي وسعها لمساعدتة . كم من الوعود قطعت هكذا , عبثا , منذ بدء الحياة على الارض ؟ كم من الامال الكاذبة أعطيت , و كم من عبارات الصداقة الخبيثة قيلت ؟ انة عدد لا يحصى من دون شك , لكنة لم بحل حتى الان دون ان يستمر الاف البشر في التصديق و في ممارسة حرفة الامل , ومثلهم صدق كريم ... صدق أن مريم تنوي فعلا التقريب بينة وبين حبيبتة نور , و استطاع كلامها المعسل أن يغدر بة و أن يوقعة في هوة مقفرة , لن يلبث أن يرزح فيها تحت وطأة عفة و مكرها على حد سواء...وماذا عن نور ؟ ليست ثمة حاجة الى القول أنها كانت تعيش في تلك الأثناء وسط دوامة من الحيرة و التناقضات . أعادت قراءة رسالة كريم عشرات المرات حتى حفضتها غيبا , و كتبت لة في المقابل عشرات الرسائل ... لكنها ما كانت تنتهي من كتابة واحدة حتى تمزقها فورا , خائفة مما كانت تبوح بة يداها على الورق . في ذلك اليوم ,اثرت البقاء في البيت لأن امها كانت مريضة جدا و تعاني الاما مبرحة في الرأس و حمى شديدة . أضف الى ذلك ان الامطار كانت تنهمر في كل مكان و الريح العاصفة التي كانت تعيد رسم الأمكنة و تضيع معالمها , جهلتها تفضل صحبة الكتب طوال النهار . واذا هي مسترسلة في القرائة عند المساء , شعرت فجأه بالبرد و بلفحة من الهواء تهاجمها . رفعت عينيها عن الكتاب الذي كانت تقرأة و كلها يقين بأن الرياح تمكنت من ان تفتح عنوة نافذة الغرفة , لكنها فوجئت برءية باب غرفتها مشرعا وكريم نفسة واقفا عند العتبة يتأملها !لم تستوعب الوضع بداية , بل ارتعبت وهلاتها المفاجئة ! لكن صوت امها ايقضها من خدر الذهول , اذ سمعتها تقول : (( إنة زميلك في الجريدة يطلب مقابلتك يا نور ))... انذاك تمكنت حقا من رؤية كريم: ها هو أمامها ,بلحمة ودمة , بقامتة وثيابة , وبلون عينية أيضا قامت وهي في حال دوار عن كرسيها و مدت يدها الية مصافحة . صوتها تناهى اليها غريبا . لكأنة طالع من بئر عميقة لا قاع لها : (( أهلا بك كيف حالك , تفضل ...)) شد على يدها بيده المتعبة , وتبعها الي غرفة الجلوس . راحت تنضر بصمت الى وجهه الذي باتت تعرفة بكل دقائقه و تفاصيلة و حفضت جغرلفيتة ظهرا اعن قلب . هل يعقل أن يضيع المرء الى هذا الحد بين الحلم و الواقع ؟ فكرت في سرها ... و هل يعقل أن يكون كريم قد انتقل , كما لو انة على بساط الريح . من أفكارها الى هذة الغرفة المتواضعة ؟ ما لبثت والدة نور المريضة أن انسحبت و تركتهما وحيدين . فهمس كريم بصوت كأنة من نسج الخيال :# اشتقت اليك ...#أنا ايضا , لكن ... مجيئك الى هنا هو خطأ ياكريم.# لا , ليس خطأ , بل هو عين الصواب. كنت ضائعا طوال النهار , أبحث عنك في مخيلتي و بصحبة الوسطاء , لكني حين حل المساء اكتشفت أني في حاجة الى أن أراك بعيني هاتين , لا بعيون الاخرين...#ماذا تعني بالوسطاء و الاخرين ؟# صديقتك مريم ... التقينا بعد ظهر هذا اليوم ووعدتني بأنها ستساعدني , لكني لم أطق فكرة الانتظار.# مريم ؟ وما دخلها بنا؟ وهل في وسعها مساعدتك ؟ انني لا افهم شيئا...#أشرح لك في ما بعد... هذه تفاصيل لا اهمية لها الان ... جل ما اريدة في هذة اللحظه بالذات هو أن تتأرجح عيناي بين وجهك ويديك !# أرجوك ياكريم , من الأفضل أن تذهب الان والدي سوف يعود الى المنزل قريبا و أفضل ألا يراك هنا ... ،أنا بغنى عن اي تعقيدات ! فأجابها كريم ممازحا:#هكذا اذا تطريدينني .. سوف ارمي بنفسي عن الشرفة !# الا أن الرد جاء من والد نور الذي دخل في تلك اللحظة قائلا :من يريد أن يرمي بنفسة عن شرفة منزلي ؟

رد مع اقتباس

المفضلات