ولا يشك مسلم أن العلم الذي ورثه الرسول صلى الله عليه وسلم:
هو التوحيد، والسنة, والأحكام الشرعية المتعلقة بالعبادة والمعاملة, والأخلاق والسلوك القويم.
وأما علوم الدنيا
فلا يوصف أصحابها بهذا الوصف إلا إذا كان مقيداً بالتخصص الذي يحمله صاحبه ,
فيُقال: عالم في الطب, أو الفلك, أو غير ذلك من التخصصات.
فالعلماء يا عباد الله, هم ورثة الأنبياء كما سمعتم في الحديث.
وهم أخشى الناس لله :
( إِنَّمَا يَـخْـشَى اللهُ مِنْ عِـبَادِهِ الْعـُـلََـمَاءُ ).
ولعن النبي صلى الله عليه وسلم الدنيا وما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالما ومتعلما.
وأخبر أن كل شيء يستغفر لهم, فقال:
( فضل العالم على العابد ، كفضلي على أدناكم ، إن الله عز و جل و ملائكته ، و أهل السموات و الأرض ، حتى النملة في جحرها ، و حتى الحوت ، ليصلون على معلم الناس الخير )
رواه الترمذي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه.
وهم أعرف الناس بأحكام الشريعة ولذلك يعبدون الله على بصيرة.
والناس يعبدون الله من خلال ما يجدونه من الكتب التي يؤلفها العلماء،
وبما يأخذونه من فتاواهم وتوجيهاتهم وإرشادهم.
فيا له من شرف ومكانة, أن يكونوا هم طريق الناس إلى معرفة ربهم ودينهم.
ولعظم منزلتهم صار ذهابهم وموتهم من أعظم المصائب التي تصيب الأمة,
فقد روى البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
( إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يُبْقِِ عالماً ، اتخذ الناس رؤوساً جهّالاً فسُئِلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا )،
وفي رواية: ( فيَبقى ناسٌ جُهّال يُستَفْتَون فيُفتون برأيهم فَيَضِلّون ويُضلون ).
ويستفاد من هذا الحديث:
ذم الفتوى بالرأي ، لقوله في الحديث: ( فيفتون برأيهم )،
قال عمر رضي الله عنه: ( إن أصحاب الرأي أعداء السنة ، أعيتهم أن يحفظوها وثقلت منهم أن يعوها واستحيوا حين سُئِلوا أن يقولوا لا نعلم فعارضوا السنة برأيهم ، فإياكم وإياهم ).
ويُستفاد منه أيضا:
تحريم ترئيس الجهلة وتمكينهم من أمور المسلمين ، وخصوصاً ما يتعلق بدينهم.
ويستفاد منه أيضا:
تحريم الفتوى بغير علم، فإن الفتوى بغير علم كبيرة من الكبائر، بل هي قرينة الشرك بالله,
قال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُواْ بِاللهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُواْ عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُوَن ).
المفضلات