الســــلام عليكـــم ورحمـــة الله وبركــــاته

(( وَلَا تَحسَبَنَّ الله غَافِلاً ))

(بقلم : أحمد عبد الكريم الجوهري)



وصل عالم اليوم إلى درجة عالية من الغرور، وذلك لسببين :
أولهما :- إمهال الله سبحانه للبشرية وحلمه عليها .
وثانيهما :- هذه الحضارة وهذه المدنية التي لم يسبق
لها مثيل على الإطلاق، وكل هذه المكتسبات نِعَم ومِنَح
من الله سبحانه تستوجب من البشرية الشكر والحمد،
ولكن الناظر لأحوال العالم يجد أن السواد الأعظم من
الناس يديرون ظهورهم لله وللدين، وخصوصاً أولئك
الذين يظنون أنهم ملكوا زمام الأرض والسماء .

لقد هزني وأخافني خبر قرأته في إحدى الصحف عن أحدهم في أمريكا،
أنه أقام دعوى قضائية في إحدى المحاكم على الله تبارك وتعالى - حاشا لله -
وذلك بحجة اعتراضه على بعض نصوص الكتاب المقدس، والعجيب أن تلك
المحكمة قبلت الدعوى ولكنهم اضطروا لإسقاطها لعدم وجود جهة يحاكمونها!!

هذه الحادثة غيض من فيض مما يُحدثه المتمردون على الله ورسله عبر العالم.
فهل الله عزوجل يغفل عما يعمل الظالمون ؟!!
الجواب : ( وَلَا تَحسَبَنَّ الله غَافِلًا عَمَّا يَعمَلُ الظّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُم لِيَومٍ تَشخَصُ
فِيهِ الأَبصَارُ ) { 42 "إبراهيم"} .

ولكن هل سيعاقبهم الله تبارك وتعالى في الحياة الدنيا ؟!!
الجواب : نعم؛ وقد آن الأوان لذلك، قال الله تعالى : ( إِنَّمَا مَثَلُ الحَيَاةِ الدُّنيَا كَمَاءٍ
أَنزَلنَاهُ مِنَ السَّمَاءِ فَاختَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرضِ مِمَّا يَأكُلُ النَّاسُ وَالأَنعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَت
الأَرضُ زُخرُفَهَا وازَّيَّنَت وَظَنَّ أَهلُهَا أَنَّهُم قَادِرُونَ عَلَيهَا أَتَاهَا أَمرُنَا لَيلاً أَو نَهَارًا فَجَعَلنَاهَا
حَصِيدًا كَأَن لَّم تَغنَ بِالأَمسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَومٍ يَتَفَكَّرُونَ ) { 24 "يونس" }.



كم هي دقيقة هذه الآية في وصف المشهد العمراني على الأرض في الوقت
الحاضر، فهذه البنايات والأبراج وناطحات السحاب، تبدو لمن يشاهدها من علٍ
- أثناء النهار - كأنها لوحات مزخرفة وبارزة، فتكون الأرض قد أخذت زخرفها
وبلغت ما لم تبلغه من قبل، ثم يصدق وصف الله ( وَازَّيَّنَت )، وهنا أبلغ التفسير
أن نفسر القرآنَ بالقرآنِ حيث وردت الزينة في القرآن على أنها الإضاءة قال الله
سبحانه : ( وَلَقَد زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلنَاهَا رُجُومًا لِلشَّيَاطِينِ وَأَعتَدنَا
لَهُم عَذَابَ السَّعِيرِ ) { 5 "الملك" }، والمصابيح هي النجوم، وعليه فإن الأرض
تكون قد بلغت ما لم تبلغه من قبل في زينتها، وأن الناظر للأرض من علٍ - ليلاً -
لَيَرَى ذلك المنظر الجميل للمدن والتجمعات السكانية والصناعية عبر العالم .


وأخيرا أرجو أن ينال الموضوع على رضاكم
وأسأل الله العلي القدير أن يتقبل مني هذا العمل خالصاً لوجهه الكريم
وكل عام وأنتم بألف خير
رمضان كريم