السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شعر:
لا تسألوا عن جدَّةَ الأمطارا
عبدالرحمن صالح العشماوي
مع أزكى التحية إلى خادم الحرمين الشريفين - وفقه الله -
لا تسألوا عن جــده الأمطـــار ****لكنْ سلوا مَنْ يملكون قرارا
لا تسألوا عنها السيولَ فإنها****قَدَرٌ، ومَنْ ذا يَصْرف الأقدارا؟
لا تسألوا عنها بحيرةَ (مِسْكِهَا)**** فَلِمِسْكِهَا معنىً يؤجِّج نارا
أتكون جدَّةُ غيرَ كلِّ مدينةٍ****والمسكُ فيها يقتل الأزهارا؟!
لا تسألوا عن جدَّةَ الجرحَ**** الذيأجرى دموعَ قلوبنا أنهارا
لكنْ سلوا عنها الذين تحمَّلوا****عبئاً ولم يستوعبوا الإنذارا
مَنْ عاش في أغلى المكاتب قيمةً****وعلى كراسيها الوثيرة دارا
مَنْ زخرف الأثواب فيها ناسياً****جسداً تضعضع تحتها وأنهارا
لا تسألوا عن بؤسِ جدَّةَ غيرَ مَنْ****دهَنَ اليدَيْن، وقلَّم الأظفارا
مَنْ جرَّ ثوب وظيفةٍ مرموقةٍ****فيها، ومزَّق ثوبها وتوارى
وأقام في الساحاتِ أَلْفَ مجسَّمٍ****تسبي برونق حُسْنها الأبصارا
صورٌ تسرُّ العينَ تُخفي تحتها****صوراً تثير من الرَّمادِ (شراراً)
أهلاً برونقها الجميل ومرحباً****لو لم يكن دونَ الوباء سِتارا
لا تسألوا عن حالِ جدَّةَ جُرْحَها****فالجرح فيها قد غدا موَّارا
لكنْ سلوا مَنْ يغسلون ثيابهم****بالعطر، كيف تجاوزوا المقدارا
ما بالهم تركوا العباد استوطنوا****مجرى السيول، وواجهوا التيَّارا
السَّيْلُ مهما غابَ يعرف دربَه****إنْ عادَ يمَّم دربَه واختارا
فبأيِّ وعيٍ في الإدارة سوَّغوا**** هذا البناء، وليَّنوا الأحجارا؟!
ما زلت أذكر قصةً لـ(مُواطن)**** زار الفُلانَ، وليته ما زارا
قال المحدِّث: لا تسلني حينما****زُرْتُ (الفُلانَ) الفارس المغوارا
ومَرَرْتُ بالجيش العَرَمْرَمِ حَوْلَه****وسمعتُ أسئلةً وعشتُ حصارا
حتى وصلْتُ إلى حِماه، فلا تسلْ**** عن ظهره المشؤوم حين أدارا
سلَّمتُ، ما ردَّ السلامَ، وإنَّما****ألقى عليَّ سؤاله استنكارا
ماذا تريد؟ فلم أُجِبْه، وإنَّما****أعطيتُه الأوراقَ و(الإِشعارا)
ألقى إليها نظرةً، ورمى بها****وبكفِّه اليسرى إليَّ أشارا
هل كان أبكم - لا أظنُّ – وإنَّما****يتباكم المتكبِّر استكبارا
فرجعتُ صِفْرَ الرَّاحتَيْن محوقلاً****حتى رأيتُ فتىً يجرُّ إزارا
ألقى السؤالَ عليَّ: هل من خدمةٍ؟****ففرحتُ واستأمنتُه الأسرارا
قال: الأمور جميعها ميسورةٌ****أَطْلِقْ يديك وقدِّم الدولارا
وفُجِعْتُ حين علمتُ أن جَنَابَه****ما كان إلا البائعَ السِّمْسارا
وسكتُّ حين رأيتُ آلافاً على ****حالي يرون الجِذْعَ والمنشارا
ويرون مثلي حُفْرةً وأمانةً****ويداً تدُقُّ لنعشها المسمارا
يا خادم الحرمين، وجهُ قصيدتي****غسل الدموعَ وأشرق استبشارا
إني لأسمع كلَّ حرفٍ نابضٍ****فيها، يزفُّ تحيَّةً ووقارا
ويقول والأمل الكبير يزيده****أَلَقاً، يخفِّف حزنَه الموَّارا
يا خادم الحرمين حيَّاك الحَيَا ****لما نفضتَ عن الوجوه غبارا
واسيتَ بالقول الجميل أحبَّةً****في لحظةٍ، وجدوا العمارَ دَمَارا
ورفعت صوتك بالحديث موجِّهاً****وأمرتَ أمراً واتخذت قرارا
يا خادم الحرمين تلك أمانة**** في صَوْنها ما يَدْفَعُ الأَخطارا
الله في القرآن أوصانا بها ****وبها نطيع المصطفى المختارا
في جدَّةَ الرمزُ الكبيرُ وربَّما****تجد الرموزَ المُشْبِهَاتِ كِثارا
تلك الأمانة حين نرعاها نرى****ما يدفع الآثام والأوزارا
المفضلات