السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بسم الله الرحمان الرحيم
والحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين محمد الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم وعلى جميع الأصحاب والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين:
أما بعد:
فيا أيها الأحبة ولا يزال المؤمن يصدق حتى يكتب عند الله صديقا، ولا يزال المنافق الفاجر يكذب حتى يكتب عند الله كذابا
نعم أيها الأحبة إنها ثعابين في مسلاخ بشر حاقدة همها الكذب والنميمة والغيبة والجبن والخوف من المواجهة ، وإذا كان عالم الواقع قد كثر فيه الكذابين فكيف بعالم النت عالم الخيانة والكذب إلا من رحم الله تعالى وقليل ماهم .
الكاذب إنسان جبان لا يستطيع المواجهة ، فمواجهة الصدق كمواجهة الأسد ، ولا يزال الصدق يفضح الكاذبين ولا تزال الصراحة تقض مضاجع الكاذبين المارقين المتملقين .
ثعابين في مسلاخ بشر، تأتيك بوجه وتسلقك من خلفك بألسنة حداد أشحة على الخير .
لكــن ذا زمــن به البغــــاثُ غـــدا***مُستنسرا صائلا في زي عقبــانِ
والذئب أصبح مِسك الضأن مُرتديا***ليبتغي الصيد من أغرار خرفانِ
أيها الأحبة لا يصحبن أحد منكم هذه الثعابين ومن صفاتها :
-التسويف ونقض العهود ، وتقديم الوعود الكاذبة والتحايل، تحريف وقول وزور وكتم شهادة وخداع ومكر ومراوغة ، وتصحيف وإشاعات مغرضة وأراجيف وترهات وتلفيق ونكران جميل وإظهار جحود، تزييف وتقليد وغش وتزوير وتنكر بالأقنعة ، وتستر على المخالفين والمجرمين والجرائم ، إفتراء وقول الإفك ودعاوى الباطل والفجور والنفاق .
نعم أخاطبك أنت أيها الثعبان الماكر ، فكل ثعبان يعرف نفسه ، واعلم أن الصدق منجاة وإن للصدق لصوتا كصوت الأسود .
الصدق راحة، الصدق طمأنينة ، الصدق سكينة، الصدق محبة ، الصدق كله خير ، والقبح كله في تلك الصفات المذكورة آنفا.
أيها الأحبة لا يصحبن أحد منكم من كانت تلك صفاته ، فالثعبان لا يصادق إلا ثعبان، وهذا مشاهد ، ترى الثعبان لا تأخذه الحمية إلا على الثعابين مثله من بني جلدته .
كُسَيلٌ وعُوَيلٌ وثالث مافيه خير
وكما يقال بالعامية فأصدقاء الثعابين هم: زعيط ومعيط ونطاط الحيط
ويقول الشاعر:
واختر صديقا واصطفيه تفاخــرا***إن القرين إلى المقارن يُنسـبُ
ودع الكذوب ولا يكن لك صاحبا***إن الكذوب لبئس خل يصحبُ
وقيل أيضا:
وما شيء إذا فكرت فــــيه***بأذهب للمروءة والجمال
من الكذب الذي لا خير فيه***وأبعد بالبهاء من الرجال
أيها الثعبان في مسلاخ بشر ، إن الكذب من سمات الكافرين: { والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولائك أصحاب النار هم فيها خالدون} البقرة
{ ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون} البقرة
وقد نفى المولى جلا وعلا الإيمان عن أناس يفترون الكذب فقال: { إنما يفتري الكذب الذين لا يؤمنون بآيات الله وأولائك هم الكاذبون} النحل
قلت:
يوقر المرء مادام صادقا
ويسقط من العين كـــاذبا
أيها الأحبة إن المؤمن لا يكذب ، ومن يكذب رُفع عنه الإيمان والكذب طريق إلى النار
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا"
نعم إن الكاذب فاجر
ثعابين في مسلاخ بشر ، كاذبة ، خائنة، غادرة فاجرة
قال صلى الله عليه وسلم:" أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها، إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر"
واجتمعت الأربع في الثعابين
وقال ابن القيم:
"إياك والكذاب، فإنه يفسد عليك تصور المعلومات على ما هي عليه، ويفسد عليك تصويرها وتعليمها للناس وقال أيضاً: فإن الكاذب يصور المعدوم موجوداً والموجود معدوماً، والحق باطلاً، والباطل حقاً، والخير شراً، والشر خيراً، فيفسد عليه تصوره وعلمه عقوبة له، ثم يصور ذلك في نفس المخاطب. وقال أيضاً: ولهذا كان الكذب أساس الفجور كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم. وقال أيضاً: إن أول ما يسري الكذب من النفس إلى اللسان فيفسده ثم يسري إلى الجوارح فيفسد عليها أعمالها، يعم الكذب أقواله وأعماله وأحواله، فيتحكم عليه الفساد ويترامى داؤه إلى الهلكـة"
والكاذب سافل لأنه مكتوب عند الله كذابا، وبئس هذا الوصف لمن اتصف به، إن الإنسان لينفر أن يقال له بين الناس: يا كذاب، فيكفي أن يكتب عند خالقه كذابا، وإن الكاذب لمحذور في حياته لا يوثق به في خبر ولا معاملة، وإنه لموضع الثناء القبيح بعد وفاته.
ولقد قرن الله تعالى الكذب بعبادة الأوثان فقال تعالى: {فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور}
الكبر والفخر والخيلاء والعجب والتيه، قال تعالى: { وقال موسى إني عذت بربي وربكم من كل متكبر لا يؤمن بيوم الحساب } ، وقال تعالى: { إنه لا يحب المستكبرين}
وأعظم الكبر الإستكبار عن الحق، كمن تبين له الحكم الشرعي في مسألة محرمة بالدليل من كتاب الله ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فيرمي بكلام النبي صلى الله عليه وسلم تبعا لهواه ، ثم يدعي بعد ذلك محبة النبي صلى الله عليه وسلم كذبا وزورا، فأين المحبة يا أخا الشيطان .
فمن استكبر على الحق لم ينفعه إيمانه كما فعل إبليس
وعن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا يدخل الجنة أحد في قلبه مثقال ذرة من كبر"رواه مسلم
أيها الماكر الخادع ، إن المكر والخديعة في النار
{ ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله}
يا من شوى الحقد الممقوت قلبه ، فأصبح منه اللسان يفري بالكذب والتلفيق ثم يولي هاربا، إفزع قبل أن تفزع .
إنها ثعابين في مسلاخ بشر
إذا ما الظلوم استوطأ الظلم مركبا***ولج عتوا في قبيح اكتسابه
فكله إلى صرف الزمان وعدله***سيبدو له مالم يكن في حسابه
اللهم صل وسلم على عبدك ونبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أخوكم في الله: عثمان بالقاسم
رد مع اقتباس


المفضلات