بسم الله الرحمن الرحيم ،،
عناصر الموضوع :
1- لكم .
2- مقدمة .
3- ما العلاقة؟
4- المصادر
5- الفطرة و الدين .
6- مقارنة سريعة .
7- خاتمة
1- لكم . . .
أبدأ مشاركتي في هذا المنتدى ، و أرجو أن يكون فيها من الإفادة ما يسر الرحمن ، و يفتح أبواب الجنان ،،
من مقال لمجلة البيان ، سنتناول بإذن الله موضوع الأخلاق و النظم في نظر الشرع ،، راجين من الله أن
يتقبل منا اليسير ، و يعفوَ عن الكثير ،،
***
2- مقدمة :
نعني بالنظم : كل ما يتعلق بالترتيبات الظاهرية لعلاقات الناس الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية و غيرها ، و نعني بمكارم الأخلاق : الحميد منها ( أي الأخلاق) من صدق و أمانة و عدل و غيرها فما العلاقة بين هذين المصطلحين ؟
₪₪₪
3- ما العلاقة ؟ :
إن التجربة تدل على أنه لا قيام لنظام سياسي أو إقتصادي أو إجتماعي ، أو حتى أسري إلا بقدر من هذه الفضائل ، فلو أن الناس في مجتمع من المجتمعات سادت بينهم الفوضى واستحكم الفجور ، فلن ينكروا بل لن يستغربوا إن كذب التاجر ، أو حابى القاضي ، أو خان الزوج زوجته!!
ليس هذا فحسب ، بل إن النظام نفسه لا يأتي إلا بقدر من هذه القيم ، فمثلاً : كيف يكون النظام إسلامياً إن كان الحاكم يستغل الدين ليأكل أموال الناس بالباطل ، ألم يقل الله تعالى :{ يأيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار و الرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل و يصدون عن سبيل الله و الذين يكنزون الذهب و الفضة و لا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم }[التوبة : 34].
فإذا كانت مكارم الأخلاق ضرورية لتلك النظم الخارجية ، فمن أين نأتي بها ، و كيف نحافظ عليها ؟
₪₪₪
4- المصدر الأولي :
قد يظن كثير منّا أن مصدر هذه التشريعات هو ديننا الإسلامي ، و لكن الإسلام لم يأت ليسنَّ مكارم الأخلاق و إنما ليتممها ، كما قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) ، و لكن الرسول الكريم (صلى الله عليه و سلم) يرشدنا لهذا المصدر في قوله : (( إن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ، ثم علموا من القرآن ، ثم علموا من السنة))(1) ، و الجذر هو الأصل ، و هذا الحديث يدلنا على مصدر مكارم الأخلاق ، و هي الفطرة ، فما هي الفطرة ؟
ـــــ
(1) أخرجه البخاري كتاب الرقاق ، رقم 6061، ومسلم كتاب الإيمان ، رقم206 .
₪₪₪
5- أ. الفطرة :
الفطرة هي كل ما في الإنسان من فضائل ، و على رأسها اعترافه بعبوديته لله تعالى ، و قد قال رسول الله (صلى الله عليه و سلم) (ما من مولود الا يولد على الفطرة))(1) ، و وجود مكارم الأخلاق من قبل الإسلام فيه دليل قوي غلى أن الفطرة هي مصدر مكارم الأخلاق .
و لكن كونها مما فطر الله الناس عليه ، لا يعني أنَّ فطرتهم تلزمهم بها ؛ لأن الفطرة بمثابة الصوت الداخلي للإنسان الذي يقول له : يا عبد الله ، هذا خير فاتبعه ! لكن الإنسان مخيَّر بين أن يستمع لهذا الصوت أو أن يعرض عنه ، و كذلك لصوت الهداية الخارجي .
ـــــ
(1) أخرجه البخاري كتاب الجنائز ، رقم 1270، ومسلم كتاب القدر،رقم 4803.
₪₪₪
5- ب. الدين و الإيمان :
بعد الفطرة ، يأتي الدين الحق الذي هو دين تلك الفطرة ، فيقوي داعي المكارم في النفس .
إن الإيمان بالله هو الأساس و المحور الذي تدور حوله كل الفضائل التي فطر الله الناس عليها ، فبقوته تزداد قوتها ، و بضعفه يزداد ضعفها ؛ حيث يثمر حب الله في القلب ضرورة حب كل ما يحبه الله من الفضائل ، فيقوم بها ، مطاوعةً للفطرة ، حباً في الله .
₪₪₪
6- مقارنة سريعة :
إذا كان الإيمان بالله يجعل إعتقاد الإنسان متوافقاً مع صوت فطرته الدعي لمكارم الأخلاق ؛ فما هكذا تكون سائر المعتقدات ، إن الذي ينكر وجود الخالق ، و الحياة بعد الموت ، يجد في نفسه نزاعاً بين داعي فطرته ، و شهوات نفسه ، فإذا عُرضت عليه حالة تغريه بنوع من الظلم ، في سبيل كسب مادٍّي مثلاً ، فلن يجد في هذه الشهوة ما يقول له : إن هذا خطأ فلا ترتكبه ، بل سيجد ما يدفعه لذلك دفعاً ، كأن تسٍّول له نفسه بأن هذه هي الحياة الوحيدة ، فلا داعي للتضحية بهذه المكاسب . و لكن ، بإعتباره إنساناً فستقول له فطرته : إن هذا خطأ ، إنه إنه أمر لا يليق ، فإما أن يستمع لصوت فطرته ، و إما أن يعرض عنه .
أما المؤمنون ، فإنهم يؤدون هذا العمل - كما سبق - تماشياً مع الفطرة ، و تلبية لمقتضيات إيمانه الذي يقول له : إنك إذ تضحي هذه التضحية ، فستكسب في حياتك الآخرة - و التي هي الحياة الدائمة - أكثر مما تخسر في هذه الدنيا الفانية .
₪₪₪
7- خاتمة :
تميزت الشريعة الإسلامية النظمية باهتمام بمكارم الأخلاق لا نظير له في أي نظام من نظم البشرية ، فلولاهذه الصلة بين ما في الباطن من قيم ، و ما في الظاهر من نظم ، لما جعل الله دينه شاملاً لهذه النظم ، بل لجعله أمرا خاصاً بأحوال القلوب كما يريده بعض الناس أن يكون ، لكن الله تعالى العليم بخلقه شرع للناس شرائع تعينهم على الإستمساك بكل ما فطرهم عليه و شرعه لهم من فضائل إيمانية و خلقية .
نرجوا أن يفقهنا الله في ديننا ، و يعلمنا من لدن علمه ، و ينفعنا بما علمنا إياه ، إنه وليّ ذلك و
القادر عليه ، أستغفر الله لي و لكم فأستغفروه ، إنه هو الغفور الرحيم .
المصدر : مجلة البيان 215 - رجب 1326هـ - اغسطس 2005 - مقالة " الاخلاق و النظم"
المفضلات