السّلامُ عليكُم ورحمةُ للهِ وبركَاتُه ..
كيفُكم , وكِيف حالكُم معَ الله .. يَارب فِي حالٍ يرضاهُ سبحانُه ..
,
سمعتُ وقَع وطِئها المُتعَالِي , .. بدى جليّاً أنها تركُض تلقَاء الغُرفَة التِي أجلسُ فِيها أقرأُ كِتاباً , أو أستمعُ إلى شَرِيط .. فَتحت البابَ
بِقُوّةٍ تُناقِضُ طبَعهَا الرقِيق , طِفلتِي الصّغِيرَة التِي لَم تلبث بلغَتِ السّابِعَة , " ماما , مَامَا " صوتٌها الرقِيق تقطَعُ نبرتَهُ نفسَهُا المُتسَارِع
مِن جرّاءِ ركَضِهَا .. بين فِينةٍ و أُخَرى , حاذتنِي تمَاماً .. رافعِةً رأسَها لِيُقابِل رأسِي ’ واضِعةً راحتِيها الصَغِيرتِين على فخِذّيّ .. عيناها
تلمعَان , تُفصحِان عن رغبةٍ شديدةٍ للبُكَاء , وفُوهَا تارةً يُفتحُ ولا يلبث أن يُطبَق فِي حيرةٍ تُسائِلُ بِها نفَسها , كَيف تُرَاها تبدأُ الحدِيث ؟
وضعتُ راحَة يدِي على رأسِها وابتسمتُ لأشجعهَا على الإفصاح .. قلبِي كان ينبضُ بِشِّدة .. شعرتُ أنّ هُناك ما يُضيقُ صّدرَهَا ..
لم تلبثَ ان دفنت وجَهها فِي حِضنِي ’ وشعرتُ ببرُودة دمعهَا الذي انتشَر سرِيعاً فِي أنسجة ثَوبِي .. وصوتهُا مُتحشرجُ يحُول بين فهمِي لهُ شهَقاتُها المُتعَالِية ..
تركّتُهَا عَلى حَالِهَا حتى هّدأت .. رفعَت رأسَها مُجّدّداً لتُقَابِلنِي عَيْناً بِعين .. وهذِهِ المرّة .. لمحتُ تغيرّاً فِي ملامِحها .. تغيُراً ميزتُه
رُغم تورمُ أجفانِها و انتفاخِ وجَنتيهَا .. أكدّ لِي ذلك سُؤالَها لِي بِنبرةٍ قَوّية أجهلُ كَيف خَرجت فِي هذا الوّقت ؟
هُيئ لِي أننّي أسمعُها للمَرّةِ الأُولَى ..
" مّامّا , قُلتِ لِي أننا جَمِيعَاً مُسلمُون صح ؟ "
انتفّض قلبِي ولستُ أدرِي لِمّاذا .. لم أستطِع ان أرُدّ عَليها .. مع انهُ يُفترضُ بِي أن أقُول " نَعم والحمدُ لله ! "
أردَفت وكأنّها استشفّت شلل لِسانِي ليرُدّ عَلى سُؤالهِا الألِيم .. " مرَح صدِيقتِي تُحب نانسِي عَجرم , و دائماً تُدندِن شخبط شَخابِيط , ولّيلَى لم تتعلّم بَعد كيف تُصلّي وتقُول أنها لا تزَالُ صغِيرة , و أُلفَة قالتْ لِي أن والدِها سيأخُذها إلَى حفلة غِنائية
بَينما وقفت جَمِيلة علَى الطَاولِة و أفصحت أنها تُرِيد ان تكُون مُمثّلة .. وجمِيعُهنّ ضحكِن عليّ حين قُلتُ أن هذا كُله حرام !!
مّاما .. أليسُو مُسلمِين مثلنا ؟ "
,
الجِم لسانِي , لَم أتوقَع بَتاتاً أن تُقابلنِي ابنتِي الصغِيرةُ يَوماً بحديثٍ كّهذا , بذلتُ جُهداً كَي أزرَع مبادئ الإسِلامِ فِي عُمقِها البريء
لكنّي لم أحسب حِساباً لِمُجتمعٍها المَدرسِي .. بتُ أحدثٌ نفسِي .. كيف علي أن أتعَامل مع حالتِها .. هَل لهَا ان تستوعب
أقَوالِي حين أشرحَ لهَا .. المعَاصِي و الغَفلة .. حُب الدُنيا ونِسيانُ الأخِرة .. الإيمان كيف يزيدُ وينقُص .. هل ستفَهم ؟ ؟
قَطعَت عليّ حبل أفكَارِي مُجدداً بِقولها : مَامَا .. كيف أرتدِي الجديد و أطفالُ فِلسطينُ يُعانُون ؟ ماما .. متى نذهب لنحرر فلسطين ؟
ماما .. من الذٍي سيحرر فلسطين ؟ انا ؟؟ ام بابا ؟
لم تزَل ترشُق قلبِي بسهامٍ حتى دمعت عينايَ وانطلقتُ أبكِي كَ الأطفَال ..
قلبٌ رُغَم الجهَلِ يشعُر
صافٍ نقيُ لهُ صدىً يُزمجِر
لَو كَانَ فِي حَنيانا قُلبُ طِفلٍ
لما عِشنا حَكايا الذُل نُسطّر
عُذراً يابنتِي فلستُ أملكُ ردّاً
حديثٌكِ ألجّم نُطقاً و عقلاً يُفكّر
تفوقّت رُوحُكِ عليّ وإنّي
بذاك التفُوّقِ منكِ لأفخَر
لا تضعُفِي أبَداً مهَما بقيتِ
وحيدةً فاللهُ معكِ سينصُر
انشُرِي الرُوح البريئةَ فجراً
لعلّها قَاسِي القُلوبِ تُفجّر
لازال وعدُ الصُبحِ قريبٌ
وظُلم الليالِي غداً سوف يُقبَر
سَ يُحررٌ الأقَصى جُموعٌ جُموعُ
انتِ لهُم أمٌ تُربي جِيلاُ سيكبُر
بدمعكِ اسقِي بُذوراً ندّية
أسٌودَ الجِهادِ غداً سواف تُثمِر
لا تقلقِي ان ضَاقَ فيكِ طريقُ
فعلى يديكِ الأقَصى يُحررَ
مَتى سَ يُحرر ؟
اذا مَا بقيتِ على الخيرِ دَوماً
وفِيكِ همة الاسلامِ تُنشَر
سَ يُحرر .. نَعم س يُحرر !!
يُعلمُون أبناءهُم كَيف يقتُلون أبناءنا ..
ونُعلمُ أطَفالنا كيف يخلُفُون الفُسّاق مِن القَوم
ولكن .. لازال هُناك منا من يُعلم أطفالهُ كيف يحيى بِ إسلامٍ قَويم !
,
,
لا لِ نُعلم أطفالنا فِسقاً .. فهُم بُناة المُستقبل !
نَعم .. لِ نُعلمهم كيف يتألمُون .. حين يرُون الاسلام يُجرح .. فهُم اولاً وأخِيراً ابناءُ الاسلام
ان لم يتألمُوا لإجله ؟ لأجل مَن س يتألمُون ؟
لا تنسُوا ذكر الله والصّلاة على الحبيب
فِي أمانِ الله
المفضلات