"تمثيل الصحابة" مرة أخرى!

[ منتدى نور على نور ]


النتائج 1 إلى 4 من 4
  1. #1

    الصورة الرمزية ابن القلعة

    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المـشـــاركــات
    1,582
    الــــدولــــــــة
    المغرب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي "تمثيل الصحابة" مرة أخرى!


    "تمثيل الصحابة" مرة أخرى!

    أحمد الزهراني

    السبت13رمضان1432هـ

    كتبت مقالاً قبل أيّام عدّة عنونته بـ "تمثيل الصحابة:امتهان الصحابة" ذكرت فيه ما هو محل اتفاق المجامع الفقهية العلمية وهو أنّ تمثيل الصحابة لا يجوز لأنّ فيه امتهان لمنزلتهم.

    كنت قاسيا "أقلّ" من اللازم بحق من أفتى بجواز ذلك، وغضب مني البعض وطالبني البعض بالمناقشة العلمية لحجج المجيزين، والحقيقة أنّي لا أرى هذه المسألة من مواطن الخلاف السائغ، بل أراها نازلة دهياء أن أصبح البعض يجادل في تحريم المساس بمكانة الصحابة بأيّ طريق.
    واليوم لن أدخل في نقاش تفصيلي بل أريد أن أذكّر بعض الغافلين بأمور:
    الأوّل: تلك الشخصيات الّتي أفتت بالجواز ليست محل اتفاق الأمّة، حتى يغضب البعض من المساس بهم، بل بعضهم انتقلوا من الظلمة إلى النور بسبب خوضهم في هذه المسائل وشذوذهم بها فعرفهم النّاس وتناقلت فضائيات الهز والرقص فتاواهم لأنّها داعم رئيس لمجون دعار الفضاء.
    والعجب لا ينقطع ممّن لا يهتز له شعرة من تناول مسائل تتعلق بمنزلة الصحابة بحجة الخلاف ثم هو يثور غضبا لشخوص لا قيمة لهم ولا وزن في جنب صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
    الثاني: هؤلاء الّذين تسابقوا للقول بالجواز هم ممّن يرفعون عقيرتهم مطالبين بالفتوى الجماعية والبعد عن الفتوى الفردية في نوازل الأمّة ومسائلها الكبار، وفي مسألتنا هذه كانوا أحرص ما يكون على الانفراد في مقابل فتاوى جماعية على أكثر من مستوى وفي كافة أقطار الإسلام ومن أكبر المجامع العلمية والفقهية، يا للعجب.
    الثالث: أحد المفتين بالجواز مشهور بالحفظ، وقد أزعجنا أنصار شذوذاته كلما أنكرنا شيئا منها استطالوا علينا بأنّه الحافظ الألمعي الذي يحفظ آلاف الأبيات والمنظومات والنصوص ووو.. أقول: لديّ قرص صلب يحفظ أكثر منه، والحفظ ميزة شخصية تُشكر لصاحبها لكن لا علاقة لها بالفقه والعلم والتسديد في الفتوى.
    العلم والفقه كما قال ابن مسعود ليس بكثرة الحفظ وإنّما هو نور يقذفه الله في القلب، وقد علمنا أئمة السنة والفقه والشريعة الّذين اتفقت كلمة الأمة على فضلهم وما أعطاهم الله من البصير اتفقوا على تحريم تمثيل الصحابة فبهم يوزن العلم والصواب إن كان ولا بد لا بكثرة المحفوظ !
    رابعاً: من المهم تذكير الجميع أنّ صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ليسوا مجرد أشخاص تاريخيين تُعرض حياتهم، بل لهم خصائص لا يشاركهم فيها أحد:
    منها أنّهم حملة الدين ونقلته وامتهانهم والتقليل من شأنهم همز وغمز في ما يحملون.
    أنّ حياتهم وأقوالهم إنّما هي تطبيق للشريعة أو أقوال شرعية مُحتج بها وكذلك أفعالهم، فأيّ حركة أو قول أو فعل يدرج في القصة محل التمثيل ستصبح دينا وسنة خاصة كبارهم وفقهاؤهم. فمن أين لفريق التمثيل الحصول على كل تلك الدقائق التفصيلية إلاّ بالكذب عليهم، وكم من أمر هو مباح في حقنا كان بعض الصحابة يراه جرما ويبتعد عنه فكيف نكذب عليهم بأمور لا يمكن الحصول عليها إلاّ برجم من الغيب.
    ومنها أنّ أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هم حماه وحريمه، فالتساهل في تمثيلهم يعني الوصول إلى القول بجواز تمثيل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ولا أراه يقول بذلك إلاّ زنديق.
    فتسويغ تمثيل الصحابة هو في حقيقة الأمر اختراق خطير يفضي بلا ريب إلى تمثيله وتجسيده نعوذ بالله.
    وهؤلاء الذين أفتوى بجواز تمثيل الصحابة رضي الله عنهم وبعدم جواز تمثيل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم لا يمكن لهم أن يأتوا بفرق واحد مؤثر يفرقون به بين تمثيل الصحابة وتمثيل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فكل حجّة يحتجون بها على تجويز تمثيلهم هي حجة لمن يريد تمثيل النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم بلا فرق.
    خامساً: رحم الله الإمام مالك، النجم الفقيه المستنير بنور الله، عندما هم المهدي أن يعيد الكعبة على ما بناها ابن الزبير مثلما سمعه من عائشة عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، واستشار الإمام مالك بن أنس في ذلك، قال له: «إني أكره أن يتخذها الملوك لعبة»، - يعني يتلاعبون في بنائها بحسب آرائهم - فهذا يرى رأي ابن الزبير، وهذا يرى رأي عبد الملك بن مروان، وهذا يرى رأيا آخر، فمنع مالك مما هو حق في نفسه درءا لمفسدة أعظم.
    ولو كان لدى فقهاء الفن المعاصر الذين أجازوا تمثيل حياة أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عشر معشار ما عند مالك من الفقه لقالوا كما قال مالك، فلو كان في تمثيل الصحابة ما فيه من مصلحة موهومة خيّلها لهم هوامير الفن الهابط وملاك قنوات السخرية بالسنة والشريعة، لكان ما في فتح الباب لتمثيلهم من مفسدة اتخاذهم لعبة بيد أهل الفن والطرب والمال مانعا لهم من الإفتاء بالجواز، كلّما عنّ لمجرم أن يزوّر أو يمرّر ما يريد أنتج عملاً فنيا لواحد من الصحابة ثمّ كذب كما يحلو له واستخف كما يحلو له، ونصبح لا هم لنا إلاّ تصحيح أخطاء الفنانين والفنانات والمخرجين والمخرجات الأحياء منهم والأموات.
    أخيراً أقول: والله إنّنا لسنا عاجزين عن النقاش الفقهي، لكن يحز في أنفسنا أن تتحوّل ثوابتنا وقيمنا العظمى لعبة بيد "أصدقاء الضّوء"، وإلاّ فإنّ تمثيل الصحابة يصدق فيه ما كان ابن حزم يردّده في القياس:« القياس كله باطل، ثم لو كان حقا لكان هذا منه عين الباطل» ونحن نقول: لو كان التمثيل حقا لكان تجسيد الصحابة وتمثيلهم منه عين الباطل.

  2. #2

    الصورة الرمزية ابن القلعة

    تاريخ التسجيل
    Jun 2007
    المـشـــاركــات
    1,582
    الــــدولــــــــة
    المغرب
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: "تمثيل الصحابة" مرة أخرى!

    عندما قال الله تعالى في كتابه: (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) كان يقرّر لنا حقيقة مهمة جدًا، ألا وهي: إنّ أيّ دراسة لواقع التدافع بين الحق والباطل يجب أن تسقط منه اعتبارات الباطل مهما علا وانتفش؛ فالمقياس الحقيقي هو الحق وأهل الحق، فإذا قوي الحق وأهله علوا بإذن الله مهما سبقهم الباطل وأهله إلى مقاليد القوة الماديّة، وإذا تمكّن الباطل وأهله فإنّ مردّ ذلك إلى ضعف أهل الحق عن الأخذ بالحق بقوّة. الباطل هو كيد الشّيطان، وكيد الشيطان ضعيف في ذاته، هكذا حكم الله عليه شرعًا وقدرًا. الحق هو كيد الرحمن، وكيد الرحمن قوي في ذاته، منتصر في عاقبته ومآله. إذًا مسؤولية النصر للدعوة على عاتق أهل الحق، فهم الملامون أمام الله في أيّة هزيمة تلحق بهم في أيّ ساحة فكرية أو عسكرية. وكان في معركة أحد درس عظيم للأمّة؛ إذ بان فيها أثر معصية الرسول في وقوع الإخفاق العسكري والجراح الّتي أصابتهم. والأمّة الآن لاشكّ تمرّ بحالة من الضّعف استقوى فيه الباطل كثيرًا، وسبب قوّة الباطل بناء على ما تقدّم هو ضعف أهل الحقّ، وهو ضعف ذو وجهين: ضعف في العلم والإمكانات؛ إذ انتشرت الجهالة بالشرع، وطغى على كثير من خاصة الدعاة وطلبة العلم اللغة الفكرية والعلوم الفكرية، وابتعدوا عن لغة الشرع وأحكامه، وأصبح كثير منهم يجنح للمصطلح الفكري والخطاب والكتاب الفكري أكثر من علوم الشريعة. وضعف آخر أشدّ وأنكى وهو فرع عن الأوّل ألا وهو ضعف الإيمان؛ إذ تحوّل كثرة كاثرة من الدعاة وطلبة العلم من الأشدّ إلى الأخفّ، وتنازل الكثير من المفتين والمتفقهين عن مبادئ شرعية، وأصبح لدينا ظاهرة (خلاعة الفقيه) الذي لا يمتنع عن الجلوس مع فاسقات المحطّات الفضائية والضحك معهنّ وملاطفتهنّ، رغم أنّهن محلّ لعنة الله ورسوله، وأخبر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنّهنّ لا يجدن ريح الجنّة.. وأصبح لدينا ظاهرة الدعاة (الإيجابيون)، الذين لا يردّون يد لامس، وهؤلاء الآن كعبة يطوف بها طواغيت الإعلام يجدون لديهم المسوّغ البدعي المصبوغ بالصبغة الشرعية لكل إنتاجهم الهابط أخلاقيًّا، المارق عن أصول وأحكام الشريعة، وهؤلاء هم التجسيد لما كان يردّده عمر الفاروق عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إنّ أخوف ما أخاف عليكم بعدي كلّ منافق عليم اللسان». وكان عمر بن الخطاب يقول: «أخوف ما أخاف على هذه الأمة الذين يتأوّلون القرآن على غير تأويله»، وعن صالح بن مسمار قال: «خرجت من البصرة على عهد عبيد الله بن زياد قال: فسمعت المشيخة الأولى، وهم يتعوّذون بالله من الفاجر العليم اللسان». فكلّ عنق يستطيل به الباطل إنّما هو علامة لانخفاض وضعف في أهل الحق، ومن هذا القبيل أنّ في هذه الأيام من كل عام يحتدم جدل متكرّر حول تمثيل الصحابة؛ إذ ينبري واحد أو أكثر من سماسرة الإعلام المتكسّبين على حساب دين الأمّة وثوابتها ورموزها لينتج أفلامًا ومسلسلات يقوم بتجسيد الصحابة الكرام مقتربًا شيئًا فشيئًا من الحضرة النبوية الشريفة.. تارة بزعم تصحيح التاريخ، وتارة بزعم الدعوة، وكلّ يغني على ليلاه، حتى تصبح شخصيات الجيل الأنموذج، الجيل الفريد كما كان قطب يسمّيه بحقٍّ وحقيقة، تصبح شخصيات هذا الجيل لعبةً بيد فجرة الإعلام وسقط المتاع من رجال الفن والسهرات الحمراء، يظهر مرة في أحضان الغانيات في دور حشّاش داعر، وفي رمضان يصبح خالد بن الوليد أو الحسن أو القعقاع! وتظهر مرة في دور غانية راقصة، ثمّ تجدها تجسّد دور أم سليم أو أسماء أو غيرهن من نساء الصحابة. وليست المشكلة من المنتجين أنفسهم ولا ممن يقف خلفهم من التجار أو غيرهم؛ فهؤلاء ماذا ننتظر منهم إلاّ هذا، والشيء من معدنه لا يُستغرب، وإنّما المشكلة من الفقيه المستنير الّذي لا يعدمه هؤلاء، يأتون على منصّات إعلامية ليتفنن في إبراز قدرته على اللعب بالشريعة، والتلاعب بالنصوص، ونزع الكلمة من سياقها والموقف من مكانه، ثم يخرج بالنتيجة التجديديّة العظيمة: التمثيل حلال، وتمثيل الصحابة حلال، لكن بضوابط! وهنا نقع في محنة الضوابط من جديد.. فتنة الضوابط الّتي استُحِلّ بها الزنا في صورة النكاح، والربا في صورة البيع، والتغريب والنفاق في صورة التجديد والاستنارة، واليوم يُمتهن به الصحابة في صورة الدعوة والتصحيح! إنّه الكيد الشيطانيّ يتجدّد كل مرة في لون جديد.. لكن وسائله على الرغم من تغيّرها وتجدّدها مرة بعد مرة فإنّ عنصرًا منها لا يكاد يختلف ولا يتغير.. الفقيه المستنير المجدّد المنفتح! ولا أجد لهؤلاء وصفًا أفضل وأدقّ من قول النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم: «دعاة على أبواب جهنّم»، وأيّ وصف هم أجدر به منه، وهم الذين ما تركوا بابًا أغلقته الشريعة إلاّ كسروه، ولا ثابتًا من الدّين إلاّ زحزحوه، ولا ذريعة سدّتها إلاّ فتحوها. هل بعد هذا الشرّ من خير؟ كلّ ما نراه من هذا السقوط المعرفي والأخلاقي والقيمي هو نتيجة حتمية لمرحلة التمحيص الّتي تمر بها الدّعوة، بل الأمّة قاطبة، لم يعد بيننا مكان لمن يعيش في ظلال الدولة الدينية التي تحرسه وتحرس دينه وثوابته، ولا في ظلّ الطائفة والجماعة الّتي تحتويه، لقد تزعزع هذا الفهم، واهتزّت هذه الأركان، وأصبح الخلل يدبّ إلى أوصال كل فئة، والاختلاف يسري في أوصال كلّ التيارات، وأصبحت الأمّة تمرّ مرحلة التمحيص الّتي يحيا من حيي فيها عن بيّنة ويهلك من هلك عن بيّنة.. لا مكان اليوم إلاّ لصاحب الإيمان الثابت الذي يتذكر كلّما رأى عَلَمًا يهوي ورمزًا يسقط أنّ الحق والصواب والعدل والإنصاف والفوز والنصر والجنة ورضا الرحمن هو في ما كانت عليه العصابة الأولى، الرعيل الأوّل، السلف الصالح، وقد أبان لنا النّبيّ - صلّى الله عليه وسلّم- أنّ الأمّة ستختلف على أشدّ ممّا حصل في اليهود والنصارى، وأنّ غالب هذه الفرق –اثنتان وسبعون من ثلاث وسبعين - في النار، وواحدة في الجنة، وهي الّتي تبقى على ما كان عليه النّبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وأصحابه، ووصفها بالغربة والقلّة، وأنّهم يصلُحون إذا فسد الناس، وأنّ من يعصيهم أكثر ممّن يطيعهم، وأنّهم لقلتهم وندرتهم كالغريب عن وطنه؛ فهم الغرباء فطوبى لهم، ولمن تمسّك بهم وببقيتهم إلى أن تأتيه منيّته.

  3. #3

    الصورة الرمزية جواهـر

    تاريخ التسجيل
    Aug 2009
    المـشـــاركــات
    3,458
    الــــدولــــــــة
    السعودية
    الــجـــــنــــــس
    أنثى
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: "تمثيل الصحابة" مرة أخرى!

    وعليكم السلآم ورحمة آلله وبركآته

    جزآك الله الـف خير يآ آبن القلعه

    الله يجعله في ميزآن آعمآلك

    دمت بحفظ المولى

  4. #4

    الصورة الرمزية رامي الحسن

    تاريخ التسجيل
    Jun 2011
    المـشـــاركــات
    387
    الــــدولــــــــة
    سوريا
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:

    افتراضي رد: "تمثيل الصحابة" مرة أخرى!

    جزاك الله عنا خيرا ان تمثيل التابعين كان البداية ثم بعدها تمثيل الصحابة ففي الغد تمثيل رسول الله صلى الله عليه وسلم لنتشبه بعدها بالمسيحية الذين مثلوا عيسى مرات ومرات

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...