حكايتي مع اللغة الفرنسية بقلمي أ. عمر

[ منتدى قلم الأعضاء ]


النتائج 1 إلى 20 من 25

مشاهدة المواضيع

  1. #8


    تاريخ التسجيل
    Jul 2017
    المـشـــاركــات
    1,309
    الــــدولــــــــة
    لبنان
    الــجـــــنــــــس
    ذكر
    الـتـــقـــــيـيــم:
    كاتب الموضوع

    افتراضي رد: حكايتي مع اللغة الفرنسية بقلمي أ. عمر

    الحلقة السادسة: production ecrite


    هَوَتْ (بشارة) المدير لرفاقنا على رؤوسنا كالصاعقة! سيعود أستاذ الـ(شانزليزيه) ليدرِّسنا مرة أخرى! ولم يفهم أستاذنا الحالي ما حصل وقتها، فمع انتهاء الحصة السابقة لحصة اللغة الفرنسية أصابنا الوجوم والكآبة، ونحن ننتظر دخول الأستاذ العالمي ذلك الذي سيجعلنا نقرأ ونتكلم ونكتب ونشاهد باللغة الفرنسية مثل (البلابل)، ولكنه نسي إضافة صفة (الخرساء) بعدها!
    وما إن دخل أستاذنا الحالي حتى شعرنا بسعادة غامرة لا مثيل لها، وانطلقت هتافات الفرح والسعادة من أفواهنا، الأمر الذي أدهش المسكين! وأظنه شعر بأننا قد فقدنا عقولنا ونحن نهتف بحياته وبقائه فوق رؤوسنا إلى أبد الآبدين، ما دمنا في هذه المدرسة، بل وحتى أن يرافقنا إلى الثانوية بعد ذلك!

    ولم يفهم الأستاذ لماذا نطلب إليه أن يبقى ولا يرحل، ومن هذا الذي قال إنه سيرحل؟ المدير يا عزيزي قال ذلك! وكما هوى الخبر علينا، هوى على أستاذنا كالصاعقة! إذ إن أحدًا لم يخبره بذلك، وطلب إليَّ الأستاذ أن أنادي أحد النظار ليحلَّ مكانه قليلًا، وما كاد الناظر يدخل حتى خرج الأستاذ مثل الصاعقة من الصف، ليغيب بعض الوقت، ثم يرجع إلى الصف عابسًا متجهمًا، ما جعلنا نشعر بالمرارة والأسى مجددًا، يبدو أنه سيغادرنا فعلًا، ومرة أخرى يظن الأستاذ بنا الظنون، إذ إنه انطلق يشتمنا بسبب هذا (المقلب) السخيف، والخبر (غير الصحيح)، فانطلقنا بالهتاف السعيد، بل وقام بعض زملائنا يريدون احتضان الأستاذ وتقبيل وجهه!

    أدرك الأستاذ؛ هنا؛ أننا لا نمزح، فما كان منه إلا أن طلب مني إحضار الناظر مرة أخرى، ولقد انزعج الأخير فعلًا، لم يكد يصل إلى غرفته ويرتاح حتى وجدني أطلبه ليحلَّ بدلًا من الأستاذ من جديد، وصاح الناظر غاضبًا (ماذا حدث؟ هل نسي الأستاذ أن لديه حمَّامًا في بيته، وتذكر ذلك اليوم، وقرر قضاء حاجته عن المرات السابقة)؟
    حاولتُ أن أكبت ضحكاتي بصعوبة شديدة، ولم أفلح في ذلك، ليس لطرافة الكلمات فحسب، ولو أن الأمر ذلك لتمكنتُ من تمالك نفسي ولو دقيقة أغيب بها عن وجه الناظر، لأضحك كما أريد بعدها، ولكن الناظر كان يصرخ! وأنا؛ من طبعي؛ لا أستطيع أن أرى أحدًا يصرخ أمامي من دون أن أضحك، حتى لو كان يصرخ في وجهي أنا!

    أفهمتُ الناظر أن الأستاذ لا يريد دخول الحمام، وأنه غادر المرة السابقة ليكلِّم المدير، وظننتُ أن الناظر قد فهم، ولكنه فاجأني بصراخ مدوٍّ آخر: (ماذا؟ هل تريد القول إن المدير قد تحول إلى حمام المدرسة)! وبصوت متقطع مرتجف من الضحك الذي لم أستطع، ولم أحاول، أن أكتمه، أخبرتُ الناظر أنني لا أتكلم عن المدير، بل إن الأستاذ يريد أن يكلم المدير، فسألني الناظر عن سبب ذلك!
    لا أعلم إن كنتُ وكيل أعمال هذا الأستاذ حتى يخبرني لماذا يريد أن يكلم المدير! وأوضحتُ للناظر ببساطة أنني لا أعرف شيئًا، نعم أعرف أن المرة السابقة كان خروج الأستاذ ليسأل المدير عن تغيير الصفوف، أما الآن فلماذا يريد أن يخرج، أعتقد أن هذا شأنه الشخصي، وهكذا يتكرر الأمر، الأستاذ يخرج، والناظر في الصف ينظر إلينا كأنه ينوي التهامنا لشدة غيظه وغضبه، ونحن نتمنى أن يرجع الأستاذ ليؤكد لنا أنه باقٍ معنا حتى نهاية السنة، وقد كان ذلك! أما الأستاذ السابق فسيتمُّ تغيير الشعبة التي يدرِّسها في الصف السابق، ليدرِّس الشعبة (ب) بدلًا من الشعبة (أ)، ولم يكن هناك من داعٍ لإتمام الكلام، فلقد انطلقت الهتافات السعيدة مرة أخرى.

    ومن وقتها، أخذنا ننظر إلى هذا الأستاذ على أنه صديقنا الرائع، ولقد حفظ لنا الأستاذ هذه المشاعر الطيبة تجاهه، فلم يَعُد يَشُدُّ أحدًا من شفتيه، ولا يصفع أحدًا، ولا يَسُبُّ ولا يلعن، ولكنه لم يستطع أن يتخلى عن قصته بقنص العصافير العشرة برصاصة واحدة، أطلقها بالعرض لا بالطول، ونحن نستمع إليه باهتمام شديد كل مرة يحكي لنا فيها هذه الحكاية، بل ونتفاعل معه واصفين الصيادين الحمقى بأنهم حمقى! وذاكرين أن أستاذنا هو أروع صياد في الكرة الأرضية، وما إلى ذلك الكلام، مع أننا نعلم أن كلامه غير صحيح، ولكن سعادتنا فاقت كل الحدود!
    بل إننا، شعرنا بالإدمان لسماع الحكمة العالمية (سألوا الديك ليش بيصيح، قال لهم كل شي بوقته منيح)، وهكذا كان أحدنا يسأل الأستاذ أي سؤال يخطر له، ومع الأستاذ نهتف جميعًا (سألوا الديك ليش بيصيح، قال لهم كل شي بوقته منيح)، ليقهقه الأستاذ مسرورًا ويصفنا بأننا أذكياء ومجتهدون، وأن المستقبل باسم أمامنا لنصبح أساتذة لغة فرنسية! (والعياذ بالله طبعًا)!

    ربما شعرنا بالامتنان لهذا الأستاذ لسبب غير حقيقي، أي أن هذا الأستاذ لم يفعل شيئًا حتى نحمل له هذه المشاعر، ولكن الأستاذ أخبرنا؛ فيما بعد؛ بأنه لم يتوقع أن ننكر الجميل وننسى المعروف الذي قدَّمه لنا من فترة بسيطة، وتحديدًا بداية السنة الحالية، في امتحان الإكمال، إذ دخل ينادي أستاذنا السابق، مدعيًا بأن المدير يريد أن يكلمه، بينما لم يكن المدير قد وصل بعد، ثم كتب لنا الإجابات على اللوح، لينقذنا من الرسوب، ولقد أدهشنا هذا الخبر بحق! كيف نسينا شكل هذا الأستاذ؟! أكان ذلك بسبب لهفتنا واندفاعنا لنكتب ما يكتبه لنا على اللوح وقتها؟! أمر عجيب فعلًا، وتضاعفت محبتنا للأستاذ أضعافًا مضاعفة، حينما أخبرنا بأن الأستاذ السابق منحنا جميعًا صفرًا، وأنه كان السبب في إنقاذنا!
    ومن هنا تحولت حصص اللغة الفرنسية، في غالبية أوقاتها، إلى قصة العصافير العشرة التي اصطادها الأستاذ برصاصة يتيمة لا ثاني لها، وإلى (سألوا الديك ليش بيصيح قال لهم كل شي بوقته منيح)، حتى انتهت تلك السنة، وللأسف، رغم كل تلك المحبة التي حملناها للأستاذ، وقع كثير من التلاميذ؛ ومنهم أنا؛ في فخ الإكمال مرة أخرى، فانقلبت محبة الأستاذ إلى كراهية وبغض، وأخذنا نقول لأنفسنا (هل أنقذنا هذا الأستاذ السنة الماضية ليتسبب برسوبنا السنة الحالية)؟

    ولكننا ظلمنا الأستاذ فيما يبدو! إذ دخل الأستاذ قاعة الامتحان ليسلمنا الأسئلة، ويكتب لنا الإجابات على اللوح! يا حبيبي! لقد أنقذتنا السنة الماضية من أستاذ آخر، واليوم تنقذنا من نفسك؟؟ ولكن هذا الأمر لم يحزننا قطعًا، لقد نسخنا الإجابات بأكملها، وسلَّمنا المسابقات، وخرجنا فرحين بالنجاح المؤكد.
    وهكذا ترفعنا إلى الصف الأعلى من دون أن نرسب والحمد لله، طبعًا كان هناك بعض الراسبين كعادة أي صف دراسي، المهم أن أستاذ اللغة الفرنسية في الصف الأعلى، دخل في الحصة الأولى ليخبرنا بأنه يريدنا أن نكتب production ecrite ليختبر مهارتنا، كان هذا الأمر جميلًا نظريًا، ولقد تلفظ الأستاذ ببضع كلمات، ليقابَل بنظرات خاوية من الفهم، ولكنه لم يستوعب ذلك بادئ الأمر، بل إنه أعاد الطلب بحماسة كي نكتب ال production ecrite والحمد لله أنه
    لم يقع بالسكتة القلبية حينما سألناه ما هو هذا ال production ecrite لأننا لم نسمع به من قبل في حياتنا كلها! وهَبَّ الأستاذ كالعاصفة يصرخ ويسب ويشتم... الغباء والأغبياء! ثم هددنا إما أن نكتب ما يريد أو نخرج جميعًا إلى بيوتنا مطرودين من المدرسة... أكدنا له أننا سنكتب ما يريد، ولكننا لم نسمع بالأخ برودي دركسيون كركبيت في حياتنا!...
    وانفجر الأستاذ كالديناميت، ثم انطلق نحونا يركل ويلكم كأننا في حلبة ملاكمة أو مصارعة حرة!

    تابعوا معنا



    التعديل الأخير تم بواسطة أ. عمر ; 23-11-2017 الساعة 07:50 PM

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
Loading...